روائع مختارة | قطوف إيمانية | أخلاق وآداب | أصـابته دعوة أمـه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > أخلاق وآداب > أصـابته دعوة أمـه


  أصـابته دعوة أمـه
     عدد مرات المشاهدة: 2060        عدد مرات الإرسال: 0

امرأة طالما تَعبت في تربية ولدها، سهرت معه الليالي والأيام حتى تعوِّضه عن أباه الذي فقده وهو صغير، وهي الآن تنتظره أنْ يعود من الجامعة، لأن هذا اليوم هو يوم تخرج سامي من الجامعة.

وما هيَ إلاَّ لحظات فإذا بها تسمع صوت سامي يقطع عليها الذكريات.. أمي! لقد نجحت بتقدير إمتياز.

فلم تتمالك الأم نفسها فأخذتْ تبكي فقال لها سامي: لا تبكي يا أمي، سأعوضك إن شاء الله عن كل تعب ومشقة عانيتها.

فقال لأمه أنه يريد الزواج فعرضت أمه عليه ابنة جارهم، فهي فتاة مستقيمة وذات خُلُقْ ودين جمال، فقال سامي: أنا لا أريدها إنها فتاة لا تناسب مستواي، وعقليتها ليست عقلية عصرية متفتحة.

أنا أريد الزواج من شقيقة صديقي سمير، فهي فتاة جامعية عصرية مثقفة مُتحررة مُنفتحة غير مُنغلقة أو مُتحجرة.

فلقد تعرف عليها سامي عندما اتصل ذات يوم بصديقه سمير فأجابت هيَ على الهاتف فَسَحَرَهُ صوتها وأعجبه كلامها المتحضر فَهامَ فؤاده بها.

لم تنجح محاولات الأم في إقناعه بإبنة جارهم، فوافقت الأم على الزواج وهيَ مكرهة.

تزوج سامي ومرَّت الأيام وأم سامي غير راضية عن تصرفات زوجة إبنها، فهيَ لا هَمَّ لها إلاَّ المكالمات والخروج بمفردها أو مع صديقاتها.

وكان أكثر ما يُغضب أم سامي هي الملابس التي كانت تلبسها زوجة ابنها، فتحدَّثت الأم إلى ابنها عن هذه الملابس التي تلبسها زوجته فردَّ عليها بكل برود: يا أماه.. إنَّ لكل عصرٍ طريقته الخاصة في الملابس والأزياء، فكَتَمَتْ الأم غيضها ولاذتْ بالصمتْ.

ومع مرور الأيام إزدادت الحالة سوءًا فتحدَّثت الأم إلى ابنها فقال لها: يا أمي أرجوك لا تتدخلي في حياة زوجتي الخاصة، فلزِمتْ الأم الصمت والألم يعتصر قلبها.

مرَّتْ الأيام وبدأت الزوجة بالتذمُّر من أم سامي وتتهمها بالإهمال وعدم مراعاة مشاعرها وأنها امرأة مُتطفِّلة.

والمشكلة أن سامي كان يُصدِّقها في هذه الإتهامات الباطلة، ومع مرور الأيام ازدادت المشاكل في البيت وكانت أم سامي صابرة مُحتسبة.

وبعد أيام وصل بسامي أن رفع صوته على أمه ولومها ولكن الأم كانت صابرة محتسبة حرصاً على سعادة إبنها وزوجته وحفاظاً على بيته من الإنهيار.

ازداد حُب سامي لزوجته بعد أن وضعت طفلها الأول وقالت له: عليك أن تختارني أو تختار أمَّك فالبيت لا يتسع إلاَّ لواحدة مِنَّا.

لم يكن الإختيار صعباً على سامي فلقد إختار زوجته للبقاء في المنزل وأن تخرج أمه منه.

كان التخلص من أم سامي يوم الخميس بعد إنتهت من صلاة الفجر أتاها سامي وهي على سجادتها فقبَّل رأسها على غير عادته.

فقال لها: نُريدك يا أمي أن تخرجي معنا اليوم للنزهة على البحر، فلم توافق أمه إلاَّ بعد محاولات من سامي.

خرجوا للنزهة ثم تناولوا الغداء بعد ذلك قال سامي لأمه: سنذهب أنا وزوجتي للسلام على صديقي في الخيمة المجاورة.

وأعطاها ورقةً وقال لها: هذا رقم جوالي اتصلي علينا إذا تأخرنا عليك من الكابينة القريبة.

إستسلمت الأم للنوم ولم تستيقظ إلاَّ بعد العصر، وسامي وزوجته لم يعودا حتى الآن فهي قلقة عليهم، بحثت عنهما فلم تجدهما فأخذت تبكي على فلذة كبدها.

وبينما هي كذلك تذكَّرت الورقة التي أعطاها سامي، أخذت تسأل عن كابينة قريبة فقيل لها: إن أقرب كابينة على بُعد كيلو ونصف.

فما كان منها إلاَّ ذهبت تجُرُّ خُطاها إلى الطريق الرئيسي لعلها تجد إبنها.

وبعد فترة طويلة بعد أن أصابها الخوف والجوع والتعب مرَّتْ بها سيارة يقودها أحد الأخيار، فرآها تبكي فوقف ونزل من سيارته وسألها عن حالها وما هيَ قصتها.

فأخبرته بالقصة ثم أخذ منها الورقة ويا ليته لم يأخذها فوجد مكتوباً فيها: يُرجى مِمَّن يعثر على هذه العجوز التائهة أن يُسلِّمها لأقرب دار للعجزة والمسنين..

لم تُفلح محاولات ذلك الشاب في أن تبقى أم سامي عنده هو وزوجته في البيت، فقام بإيصالها إلى دار العجزة والمسنين.

بدأت أم سامي حياتها الجديدة في دار العجزة وهي تقول لنفسها: هل يُعقل أن هذا سامي؟ هل هذا جزاء الإحسان؟

كانت أم سامي شاردة الذهن فقالت لها المشرفة: لقد إتصل بنا سامي وأعطانا رقم هاتفه لنتصل عليه متى إحتجنا إليه.

حاولت المشرفة وأم سامي الإتصال على سامي ولكن لم تُفلح جميع المحاولات.

وفي يوم من الأيام كانت حالة أم سامي خطيرة فإتصلت المشرفة على ابنها فقالت له: إنَّ حالة أمك خطيرة ولابدَّ عليك أن تزورها وتطمئنَّ عليها.

فما كان من الابن إلاَّ أن قال: أنا مُتأسِّف، اليوم سفري مع عائلتي لقضاء إجازة العيد في باريس وعندما أعود سآتي لزيارتها.

ازدادت حالة أم سامي سوءاً وكانت في غيبوبتها فكانت المشرفة تسمعها تقول: اللهم إنتقم منه ومن زوجته، اللهم إنتقم منه ومن زوجته.

ومع حلول المساء تحسنت حالة الأم فقالت للمشرفة: أنا أشعر بقرب موتي، إذا جاء ولدي لإستلام جثتي قولي له هذه الرسالة: أمك تقول لك لا سامحك الله، لا سامحك الله في الدنيا ولا في الآخرة.

فازدادت حالتها سوءاً فإذا بها سكرات الموت ثم فاضت روحها بعد أن نطقت الشهادتين.

اتصلت المشرفة على سامي فإذا برجل آخر غير سامي يرد على المشرفة فقالت المشرفة: أين سامي أنا مشرفة دار المسنين أُريده في أمرٍ هام جداً.

فقال الرجل: سامي ذهب ولن يعود.

فقالت المشرفة: إنَّ أمه قد توفيت ولابد أن يأتي لإستلام جثتها، فإنفجر الرجل باكياً وقال: أنا شقيق زوجة سامي.

لقد كان سامي وزوجته متجهين إلى المطار ليلحقوا بالطائرة وكان سامي يقود بسرعة فإنفجر أحد الإطارات ومع السرعة الزائدة تقلَّبت السيارة عدة مرات وفي غمضة عين تحوِّل سامي وزوجته وطفلها إلى أشلاء ممزَّقة وقِطَعْ متناثرة، لقد كان مشهدًا فظيعاً.

لقد استجاب الله لدعوة هذه الأم المكلومة الضعيفة.. فهل من مُعتبر من قصة هذا الابن العاق بأمه؟!.

من شريط -شكوى أم- للشيخ: علي آل ياسين.

الكاتب: محمد حمدي.

المصدر: موقع ياله من دين.